مع انطلاق العام الدراسي الجديد، أصبح أولياء الأمور في مصر في مواجهة مباشرة مع نظام التقييمات الأسبوعية الذي فرضته وزارة التربية والتعليم. هذا النظام، الذي يهدف لتحفيز الطلاب على التعلم المستمر وتقييم أدائهم أولًا بأول، قوبل بانتقادات واسعة من الأسر المصرية التي باتت تشعر أن أطفالها في “ماراثون لا نهاية له” من الاختبارات اليومية. فكيف انعكست هذه السياسات على الأسر والطلاب؟ وما هو رد الوزارة على هذه المخاوف؟
ضغط يومي على الأسر والطلاب
تروي منى محمود، ولية أمر لطالبة في الصف الثاني الإعدادي، تجربتها على مواقع التواصل الاجتماعي قائلة : “اليوم في العربي، بكرة في الرياضيات، وبعده علوم… كل يوم فيه امتحان! إحنا مش قادرين نلتقط أنفاسنا ولا حتى الطفلة عارفة تستوعب.” وتتابع بغضب: “بقيت أحس إن دور المدرسة انقلب لمكان للتقييم فقط، طيب المدرسين هيشرحوا إمتى؟!”
أحمد السيد، والد لطالب في الصف الأول الثانوي، أكد أن هذه الاختبارات المتتالية تحول العملية التعليمية إلى سباق لا يراعي الجانب الإنساني. “الأولاد بيبقوا مرهقين نفسيًا وجسديًا، والنتيجة إنهم بيذاكروا من أجل النجاح في الامتحان مش للفهم.”
التأثير النفسي والتربوي
بدورهم خبراء التربية حذروا من أن هذا الضغط المتواصل قد يؤثر بشكل سلبي على نفسية الطلاب، ما قد يؤدي إلى انخفاض الحافز لديهم تجاه التعلم، من جانبها الدكتورة سامية عبد الحميد، خبيرة تربوية، أوضحت: “الطلاب بحاجة إلى فترات راحة لاستيعاب المعلومات الجديدة إذا استمرت هذه الوتيرة العالية من التقييمات، قد نفقد شغف الطلاب بالتعلم، ويتحول التعليم إلى عبء ثقيل.”
وأضافت: “يجب أن يكون هناك توازن بين الشرح والتقييمات. التعليم ليس فقط في الامتحانات، بل في النقاشات والتفاعل والأنشطة التي تثير فضول الطالب وتساعده على التفكير النقدي.”
رد وزارة التربية والتعليم
في مواجهة هذه الانتقادات، أكدت وزارة التربية والتعليم أن نظام التقييمات المستمرة جاء استجابة للتحديات السابقة التي عانى منها النظام التعليمي، حيث كان الاعتماد على الامتحانات النهائية وحدها يعجز عن قياس الأداء الفعلي للطلاب.
وقال شادي زلطة متحدث باسم الوزارة: “الهدف من هذه التقييمات هو متابعة مستوى الطالب بشكل مستمر، بدلًا من الانتظار لنهاية الفصل الدراسي. كما أنها تساعد على تعزيز الانضباط وتشجيع الطلاب على الاستذكار المنتظم.”
وأشار المتحدث إلى أن الوزارة تعمل على تدريب المعلمين للتوفيق بين الشرح والتقييم، مؤكدًا أن التغيير يحتاج بعض الوقت حتى يتم استيعابه من جميع الأطراف.
مطالب أولياء الأمور ومقترحات الحل
رغم تطمينات الوزارة، لا تزال الأسر تطالب بإعادة النظر في النظام الجديد، لضمان ألا يتحول الضغط إلى عامل هدم للعملية التعليمية، وتقترح بعض الأسر تخصيص يوم واحد أسبوعيًا لإجراء جميع التقييمات بدلاً من توزيعها على أيام متعددة، مما يخفف من حدة التوتر على الطلاب.
كما دعا البعض إلى زيادة الأنشطة التفاعلية في المدارس وتقديم الدعم النفسي للطلاب، لضمان تعزيز علاقتهم بالتعلم.
البحث عن التوازن المفقود
بين طموح الوزارة لتطوير العملية التعليمية من خلال التقييم المستمر، وضغوط الحياة التي يواجهها الطلاب وأسرهم، يظل السؤال قائمًا: كيف يمكن تحقيق التوازن بين التقييم والشرح، بحيث لا تفقد المدرسة دورها التعليمي ولا يشعر الطلاب وأولياء الأمور أنهم في سباق لا ينتهي؟
الأمر يتطلب إعادة نظر مرنة من صناع القرار، مع الاستماع إلى كافة الأطراف لضمان بيئة تعليمية تحقق التميز دون التضحية براحة الطلاب وصحتهم النفسية.