
إعلام القاهرة تنظم حلقة نقاشية حول عوامل تعزيز دوافع الأساتذة والطلاب نحو التعليم الصحفي في العصر الرقمي
نوران عسكورة
نظمت كلية الإعلام جامعة القاهرة مؤتمرًا علميًا تحت عنوان “إشكاليات ودوافع التعليم الصحفي في العصر الرقمي”، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والخبراء والإعلاميين، وبحضور عدد من طلاب الكلية والمهتمين بالشأن الإعلامي.
وتناولت الجلسة الثالثة موضوع “التحول الرقمي وتحديات إعداد الصحفيين”، ناقش خلالها المتحدثون المتغيرات الجذرية في بيئة العمل الإعلامي، وركزوا على أهمية تطوير المناهج لتشمل مهارات العصر الرقمي، مثل: صحافة البيانات، واستخدام الذكاء الاصطناعي في التحرير.
وخلال جلسة الملتقى العلمي لقسم الصحافة، أوضح الدكتور طارق العوضي، مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط، أن هناك تحولًا رقميًا شاملًا يشهده قطاع الصحافة، ما يفرض تحديات كبيرة على المؤسسات والأفراد على حد سواء، مؤكدًا أن بعض الأجيال من الصحفيين والأكاديميين غير قادرين على مواكبة هذا التحول، سواء على المستوى المهني أو الأكاديمي.
وأضاف أن مناهج تعليم الصحافة الحالية، رغم إدخال بعض المفاهيم الحديثة، مثل: ريادة الإعلام، لا تزال عامة وغير موجهة بالشكل الكافي، مشددًا على ضرورة أن تُصاغ هذه المناهج في إطار مشروع اقتصادي متكامل في مجال الإعلام، وليس كأطر نظرية فقط.
وأشار العوضي إلى أن هناك دوافع قوية تُحتّم الاهتمام بالتحول الرقمي في التعليم الجامعي، أبرزها أن الثورة الرقمية غيّرت من معايير قبول وتوظيف الصحفيين، خاصة في ظل تطور غرف الأخبار ووسائل النشر الحديثة.
وأشار الدكتور محمود مسلم، رئيس لجنة الثقافة والسياحة والإعلام بمجلس الشيوخ، إلى التغيّرات المتسارعة التي تشهدها بيئة العمل الصحفي، مشددا على ضرورة دمج التخصصات المختلفة داخل غرف الأخبار وإزالة الحواجز التقليدية بين الأقسام.
وأكد “مسلم” أن هذا التطور يتطلب تأهيلًا مستمرًا لا يقتصر فقط على الطلاب، بل يشمل أيضًا أعضاء هيئة التدريس، مشددًا على أهمية التدريب العملي وتوفير الأدوات والبيئات المناسبة داخل كليات الإعلام، بما يعزز قدرة الأجيال الجديدة على مواكبة التحولات السريعة في المهنة.
وأضاف “مسلم” أن الإشكالية الحقيقية التي تواجه مهنة الصحافة اليوم تكمن في الفجوة بين الممارسين في الحقل الإعلامي والأكاديميين داخل كليات الإعلام، إلا أن أن هذه العلاقة تحتاج إلى إعادة ضبط وتكامل.
وشدد على أن كليات الإعلام يجب أن تتحول إلى مراكز تدريب حقيقية للممارسين والصحفيين العاملين في الميدان، لا أن تقتصر على الجانب النظري فقط أو تظل تابعة لما تقدمه المؤسسات الصحفية من تدريب، بل ينبغي أن تقود هي هذا المسار بما تمتلكه من إمكانات علمية وبحثية وبنية تحتية.
ومن جانبه قال خالد البرماوي، خبير ومدرب الإعلام الرقمي، إن دراسة الصحافة من قبل الطلاب أو الأكاديميين يجب ألا تقتصر على الجوانب التقنية أو المهارية فحسب، بل ينبغي أن تُبنى على تحليل الدوافع والسعي لإيجاد حلول للإشكاليات الجوهرية المرتبطة بالمهنة.
وأشار إلى أن “اضطراب المعلومات” يُعد العقبة الأساسية أمام دراسة أو ممارسة الصحافة، موضحًا أن صناعة المعلومة أصبحت عملية معقدة ومتعددة الأطراف، تسيطر عليها جهات محددة، ما جعل من الصعب التحقق من صحة المعلومات.
وأضاف أن العنصر الأساسي في المنظومة الإعلامية لم يعد القائم بالاتصال، بل الوسيلة نفسها، وهو ما يستدعي إعادة النظر في منهجيات التعليم والتدريب الصحفي في العصر الرقمي.
وأكد خالد البرماوي، خبير ومدرب الإعلام الرقمي، أن التغيير “الثوري”، على حد وصفه، الذي يشهده قطاع الاتصال والإعلام أدى إلى تحول جذري في بيئة الاتصال، وهو ما انعكس على طبيعة دراسة الإعلام وأنماط ممارسته.
وأوضح أن عناصر، مثل: العمق والتركيز والجودة في الرسالة الإعلامية أصبحت شبه غائبة عن المشهد الإعلامي المعاصر، نتيجة تصاعد ثقافة الوسيلة وتغليب الجانب التقني على حساب جوهر المحتوى وتأهيل القائم بالاتصال.
ولفت البرماوي إلى أن هذا التحول أسهم في تدهور الوضع الاقتصادي للعديد من المشروعات الصحفية، نظرًا لانصراف الاهتمام نحو الأدوات والمنصات التقنية دون الاهتمام الكافي ببناء المحتوى الإعلامي الرصين.
وشدد “البرماوي” على أهمية وجود منظومة قانونية وتشريعية حديثة وفعالة تواكب هذه التحولات، خاصة في ظل الاعتماد المتزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وما تفرضه من تحديات جديدة على بيئة صناعة المعلومات والاتصال.
وأكدت الصحفية إيناس يس، بمؤسسة الأهرام، أن كلية الإعلام لعبت دورًا محوريًا في التحاقها بالعمل الصحفي، حيث أتاحت لها فرصة الانضمام للمؤسسة من خلال ترشيح أصحاب مشروعات التخرج المتميزة، وهو ما وصفته بأنه “بداية التوجيه الحقيقي الذي تقدمه المؤسسة للطلاب”.
وأشارت “يس” إلى أن طلاب الإعلام اليوم يمتلكون قدرات متقدمة في تسويق محتواهم عبر الوسائل الرقمية المتنوعة، إلا أنهم لا يزالون في حاجة إلى توجيه أكاديمي مستمر من الكليات، باعتبارها المرجعية التكوينية والمهنية لهم.
ولفتت إلى أن تزايد أعداد الطلاب يعكس رغبة واضحة في دراسة الاتصال، لكنه يفرض على المؤسسات الأكاديمية مسؤولية مضاعفة لتوفير بيئة تدريبية متطورة تواكب المتغيرات السريعة في سوق العمل الصحفي.
واختتمت “يس” بالتأكيد على ضرورة إعادة النظر في مفهوم طالب الإعلام، باعتبارها صانعا لها ومفسرا لحقائقها، ناصحا بضرورة أن يكون مؤهلا لفهم الجمهور وتحليل سلوكه ليقدم محتوىً مهنيًا وهادفًا”.
من جانبها، وخلال مشاركتها بالحلقة النقاشية عبرت د. أسماء أبو زيد الأستاذ المساعد بقسم الصحافة عن بالغ سعادتها بالمشاركة في الملتقي العلمي لقسم الصحافة، مشيرة إلى أن التعليم الصحفي يحتاج خلال الفترة المقبلة للمزيد من التوسع في التطبيقات العملية والاهتمام بتطويرها داخل المقررات الدراسية، منوهة إلى أن التقييمات الحالية تشير إلى أهمية التطوير المستمر بما يسمح للطلبة والمقررات الدراسية بالمزيد من التطوير والمواكبة لسوق العمل الصحفي.
وخلال مداخلته، لفت د. محمد خليل المدرس بقسم الصحافة إلى أزمة المهارات التحريرية التي تواجه خريجي كلية الإعلام في ظل اهتمامهم بالمهارات التقنية وصحافة البيانات والموبايل وغيرها والتي تستلزم الاهتمام بتعزيز تلك المهارات التحريرية وعدم إغفالها.
وفي تعقيبها، قالت د. سماح الشهاوي الأستاذ المساعد بقسم الصحافة أن المداخلات التي طرحها المناقشين تشير إلى أهمية الاهتمام بتعزيز اهتمام الأساتذة والطلاب بالجوانب التكنولوجية وكذلك المهارات التقنية مع عدم إغفال الاهتمام بها وكذلك المهارات المتعلقة بتحليل البيانات وذلك لرفع كفاءة الإنتاج الرقمي الصحفي.
وفي ختام الحلقة النقاشية، قدمت د. ندى جمال المدرس بقسم الصحافة عرضًا ملخصًا لأبرز مداخلات المناقشين المشاركين خلال الجلسة، وقدمت رئاسة الجلسة شهادات التقدير للحضور وتم التقاط الصور التذكارية.
الرابط المختصر للخبر:
https://filgamaa.com/R2jJd4