أطلقت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، واتحاد إذاعات وتلفزيونات دول منظمة التعاون الإسلامي (أوسبو)، إعلان (الإعلام الأخضر)، الذي يهدف إلى وضع إطار استراتيجي لتعزيز دور الإعلام في نشر ثقافة الوعي البيئي ومجابهة مشاكل التغير المناخي، بمبادرة ثنائية من مدير عام (الإيسيسكو) الدكتور سالم المالك، ورئيس (أوسبو) الدكتور عمرو الليثي، وذلك في إطار مؤتمر الأطراف (COP16)، والمقام حاليا بالرياض.
تزامن هذا الإعلان مع إطلاق مسابقة (الميديا ثون)، مستهدفة التثقيف البيئي؛ حيث تتوجه إلى صناع المحتوى والشباب المبدعين لابتكار أفكار إعلامية تسلط الضوء على قضايا التغير المناخي. أيضا، تتيح المسابقة فرصة تطوير مشاريع إعلامية باستخدام الآليات الرقمية والوسائل الحديثة لتعزيز الحوار حول الاستدامة.
ودعت المنظمتان شباب الإعلاميين إلى المشاركة الفاعلة في هذه المبادرات، مشددتين على أهمية توحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال إعلام متخصص مبتكر وهادف.. إعلام اخضر.
وأعربت المنظمتان- في بيان مشترك- التزامهما بدعم الإعلام كأداة رئيسية في مواجهة التحديات البيئية العالمية، وتعزيز الشراكات من أجل مستقبل أكثر استدامة في دول منظمة التعاون الإسلامي ومن ثم إلى دول العالم.
بدوره.. قال الدكتور عمرو الليثي رئيس الاتحاد، إن مواجهة التغير المناخي وتعزيز التنمية المستدامة قضية تُعد من أكثر القضايا إلحاحًا وأهمية في عصرنا الحالي.
وأضاف الليثي، أن مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين (COP29) يمثل نقطة مضيئة في الجهود الدولية لمعالجة أزمة المناخ، إضافة إلى مكافحة التصحر، مؤكدا ضرورة الاستثمار في الحلول المستدامة، مشيرا إلى أن مؤتمر الأطراف (COP16)، في العاصمة الرياض، جاء ليتبعه متخذا من قضية التصحر وفقدان الأرض عنوانا ومجالا للبحث والدراسة لإيجاد الحلول.
وأشار إلى أن مكافحة التصحر جزء لا يتجزأ من الجهود المناخية، فلا يمكننا الحديث عن التغير المناخي دون التطرق إلى أحد أبرز تحدياته، ألا وهو التصحر و تقلص مساحة الأرض المزروعة: مهددا الأمن الغذائي والتنوع البيولوجي والتنمية المستدامة في العديد من دولنا الأعضاء.
ولفت إلى جهود عالمية لمواجهة هذا التحدي: أبرزها ما أطلقته المملكة العربية السعودية، الدولة المضيفة لهذا التجمع العالمي: مبادرتا “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر”، التي أطلقهما الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء عام 2021 كأحد أهم النماذج الرائدة عالميًا لمكافحة التصحر ورفع الغطاء النباتي، هادفة إلى زراعة 50 مليار شجرة في المنطقة، واستعادة ملايين الهكتارات من الأراضي المتدهورة، مما يسهم في استدامة الأرض و خفض انبعاثات الكربون لتحسين جودة الحياة.
وأضاف أن في هذا السياق، يأتي دور الإعلام: والمتخصص منه: الإعلام البيئي (الأخضر) كأحد المحركات الأساسية لنشر الوعي وتعزيز المشاركة المجتمعية؛ جاعلا منه شريانا رئيسًا في نشر أدوات العمل المشترك لأهداف التنمية وأهمها: التغيير الثقافي، فإذا أردنا بناء مستقبل مستدام، يجب أن يكون الإعلام في طليعة هذه الحركة، لتعريف المجتمعات بالحلول والإلهام و الترويج للآليات المبتكرة، فالإعلام شريك في تثقيف المجتمع حول الخيارات المستدامة والمستقبل الذي نستحقه جميعًا.
وأكد أن الإعلام بروافده المتعددة مسؤولية أخلاقية قبل أن يكون مهنة، عندما يتعلق الأمر بالقضايا المجتمعية، ونحن في اتحاد إذاعات وتلفزيونات دول منظمة التعاون الإسلامي نعمل ونوحد دولنا باتجاه التوعية ونشر الرسائل الهادفة، نلتزم بإبراز قصص النجاح في قضايا الأرض، مكافحة التصحر وغيرها، مسلطين الضوء على الجهود التي تبذلها دولنا الأعضاء لتعزيز التنمية المستدامة، مؤمنين بأن العمل الإعلامي هو جسر يعبر منه الأمل إلى واقعٍ ملموس.
واستعرض الليثي مخرجات مؤتمرات الأطراف السابقة، مشيرا إلى أنها ركزت على: تعزيز التمويل المناخي، دفع التحول إلى الطاقة المتجددة، مجابهة التصحر، وتعزيز العدالة المناخية لضمان أن تكون السياسات المناخية شاملة، مؤكدا أنها تحديات ما زالت كبيرة.
وقال إن لتحقيق هذه المخرجات يجب أن تكون هناك إرادة سياسية ومجتمعية قوية، وتعاون دولي واسع النطاق، وتضافر بين مختلف القطاعات، بما في ذلك الإعلام الأخضر: ليكون شريكا استراتيجيا فاعلا لبلوغ ما تم الإشارة إليه.
ونوه إلى دور (الإعلام الأخضر) والمتمثل في نشر المعرفة العلمية: حين يسهم في تبسيط المفاهيم العلمية حول التغير المناخي لتكون مفهومة ومؤثرة على نطاق واسع، تعزيز المسؤولية المجتمعية: فهو لاعب أساسي في دفع الأفراد والمؤسسات نحو تبني ممارسات مستدامة تسهم في تحقيق الأهداف المناخية، التأثير على صانعي القرار: من خلال تسليط الضوء على التحديات والفرص، يمكن للإعلام أن يسهم في حث الحكومات والمؤسسات على التزام ما تم إقراره دوليا، بناء شراكات دولية: فهو منصة لتعزيز التعاون بين الدول الإسلامية والعالم ، مما يحقق أهدافًا مشتركة في مجال العمل المناخي.
كما أكد أن اتحاد إذاعات وتلفزيونات دول منظمة التعاون الإسلامي يسعى لتأكيد الالتزام التام بتسخير جميع منصاتنا الإعلامية لخدمة قضايا المناخ، ساعين إلى إطلاق عدة مبادرات في هذا الصدد، أبرزها: حملات توعية إقليمية حول أهمية الطاقة المتجددة وتقليل الانبعاثات، إنتاج برامج وثائقية تسلط الضوء على قصص النجاح في العالم الإسلامي بمجال الاستدامة، تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء لتبادل المعرفة والخبرات في الإعلام الأخضر.
وأضاف أن ما نشهده اليوم من تضافر واجتماع بين مؤسستينا “الاتحاد والإسيسكو”، مطلقين وثيقة (الإعلام الأخضر) خير بداية ودليل على التزامنا وتوحدنا، رامين إلى الحفاظ على كوكبنا ليكون مليئا بالحياة والجمال لأولادنا وأحفادنا.
كما أوضح أن مواجهة التغير المناخي مسؤولية مشتركة تتطلب من الجميع العمل بروح الفريق الواحد، و”إنني على يقين بأن الإعلام الأخضر، بتأثيره وقدرته على الوصول إلى ملايين الأفراد، يمثل أداة فعالة لتحقيق أهدافنا المشار إليها”.