في عالم كرة القدم، حيث التحديات والمنافسة لا تعرف حدودًا، تبرز قصص اللاعبين الذين استطاعوا أن يكتبوا أسماءهم بحروف من ذهب. من هؤلاء اللاعبين، يأتي المصري عمر مرموش، الذي بدأ رحلته من أروقة نادي وادي دجلة بالقاهرة ليصل إلى قمة الطموح بالانضمام إلى مانشستر سيتي، أحد أكبر أندية العالم.
في موسم 2016-2017، خطف مرموش الأنظار بمشاركته مع الفريق الأول لوادي دجلة، بعدما أثبت نفسه في فرق الشباب. ومع نهاية الموسم، اتخذ خطوة جريئة بالانتقال إلى نادي فولفسبورغ الألماني في صيف 2017. رغم صعوبة البداية، خاصة مع حاجز اللغة والثقافة، قضى مرموش موسمين مع الفريق الاحتياطي، وهي فترة ساهمت في بناء قوته الذهنية وصقل مهاراته.
لم تكن البداية سهلة؛ إذ واجه مرموش تحديات يومية بسبب عدم إتقانه اللغة الألمانية، حتى في أبسط الأمور كطلب فنجان قهوة. إلا أن إصراره وعزيمته جعلاه يتجاوز هذه العقبات، مما جعله نموذجًا يُحتذى به في التحلي بالصبر والعمل الجاد.
بعد اكتساب الخبرة مع الفريق الاحتياطي، جاءت الإعارات التي صقلت موهبة مرموش بشكل أكبر. تألق مع سانت باولي وشتوتغارت، قبل أن يعود ليحجز مكانًا في الفريق الأول لفولفسبورغ خلال موسم 2022-2023. وفي صيف 2023، اتخذ خطوة جديدة بانضمامه إلى آينتراخت فرانكفورت في صفقة انتقال حر.
في موسمه الأول مع فرانكفورت، قدم مرموش أداءً مذهلاً، حيث سجل 17 هدفًا وصنع 6 تمريرات حاسمة في 41 مباراة. ولم يكتفِ بذلك، بل تجاوز هذه الأرقام في الموسم التالي، مسجلاً 20 هدفًا و13 تمريرة حاسمة في 26 مباراة فقط قبل انتقاله إلى مانشستر سيتي في فترة الانتقالات الشتوية.
تميز مرموش بقدرته على اللعب في مراكز هجومية متعددة، مما جعله لاعبًا متعدد الأدوار. سواء كمهاجم صريح أو كجناح هجومي، أظهر قدرات استثنائية في استغلال المساحات والمواقف الفردية بفضل سرعته ومهارته في المراوغة.
أسلوبه الفريد جعله يتأقلم سريعًا مع الطابع الانتقالي للدوري الألماني، حيث استغل المساحات في الهجمات المرتدة بشكل مثالي. ولكن مع انتقاله إلى مانشستر سيتي، يواجه تحديًا مختلفًا يتمثل في التأقلم مع أسلوب اللعب الذي يعتمد على الاستحواذ والسيطرة.
مانشستر سيتي بقيادة بيب غوارديولا يمثل تحديًا خاصًا لأي لاعب، حيث تتطلب فلسفة المدرب الإسباني القدرة على التكيف مع أسلوب اللعب الجماعي المعقد. ومع ذلك، يتميز غوارديولا بمرونته في تطوير لاعبيه واستثمار إمكانياتهم بما يخدم خططه التكتيكية.
قال غوارديولا ذات مرة: “التكتيكات تعتمد على جودة اللاعبين. نحن نتكيف مع مهاراتهم لنحقق أقصى استفادة”. هذه المقولة تنطبق تمامًا على حالة مرموش، الذي يمتلك المهارات اللازمة ليكون إضافة قوية للفريق.
مع لاعبين بحجم إيرلينغ هالاند في الخط الأمامي، يمكن أن يلعب مرموش دور الداعم المثالي أو حتى كصانع ألعاب خلف المهاجم. مرونته التكتيكية تجعله خيارًا مثاليًا في اللحظات الانتقالية، حيث يستطيع تقديم إضافة نوعية في مواجهة الدفاعات الصعبة.
انتقال عمر مرموش إلى مانشستر سيتي ليس مجرد محطة جديدة في مسيرته، بل يمثل تتويجًا لرحلة طويلة من العمل الجاد والإصرار. نجاحه مع السيتي يتطلب تكيفًا متبادلًا بين اللاعب والمدرب، ولكن موهبته وسجله المميز يؤكدان أنه مستعد لكتابة فصل جديد من النجاح في الملاعب الإنجليزية.
مرموش هو مثال حي على أن الطموح والعمل الدؤوب يمكن أن يأخذ اللاعب من بدايات متواضعة إلى القمة العالمية. والآن، تبدأ قصته الجديدة مع مانشستر سيتي، وسط توقعات بأن يكون له تأثير كبير في مستقبل الفريق.