مع اقتراب انطلاق امتحانات الثانوية العامة في 15 يونيو 2025، دخلت المدارس والسناتر التعليمية في سباق  لتقديم المراجعات النهائية، وسط إقبال مكثف من الطلاب ورغبة قوية من أولياء الأمور في تعويض أي نقص خلال العام الدراسي.

طلاب الثانوية العامة 2025

ورغم التحركات الرسمية من المديريات التعليمية لتنظيم مراجعات داخل المدارس، تظل السناتر تسيطر على جزء كبير من المشهد، مدعومة بخبرة المعلمين، وتفضيل الطلاب لطريقتها السريعة والمركزة.

خطة المديريات: مراجعات تحت إشراف تربوي مباشر

في محاولة للسيطرة على مشهد ما قبل الامتحانات، بدأت المديريات التعليمية في القاهرة والجيزة والإسكندرية وعدد كبير من المحافظات في تنفيذ خطة مراجعات نهائية داخل المدارس.

ووفقًا لما أعلنته سماح إبراهيم، مدير مديرية التعليم بالقاهرة، فقد تم إعداد جداول مراجعة ثابتة منذ أوائل مايو، يتم تنفيذها على يد موجّهين متخصصين، ويتم التركيز فيها على نقاط الامتحان المهمة، ونماذج البابل شيت، والتدريب العملي على الإجابة.

وفي الجيزة، أكد سعيد عطية، وكيل وزارة التعليم، أن هناك مراجعات تُقدم صباحًا ومساءً داخل المدارس الثانوية، وتستهدف جميع المواد الأساسية.

وأضاف:”نعمل على رفع الروح المعنوية للطلاب، ونوفر دعمًا حقيقيًا داخل المدرسة، خاصة للطلاب الذين لا يستطيعون تحمّل كلفة السناتر.”

أما في محافظات مثل الشرقية والغربية والمنوفية، فبدأت المديريات التعليمية في بث مراجعات قصيرة على صفحاتها الرسمية، بالإضافة إلى تنظيم مجموعات مراجعة عبر الإنترنت لبعض المواد.

الصعيد يشارك بقوة: مراجعات في قلب المدارس

في محافظات الصعيد، كانت المشاركة ملحوظة هذا العام مقارنةً بالسنوات السابقة.

في سوهاج، يتم تنفيذ خطة مراجعة مركزية داخل الإدارات، مع توزيع كراسات مراجعة مجانية على الطلاب.

وفي قنا، أكدت مصادر بالتعليم الثانوي أن هناك تعاونًا بين الموجهين ومديري المدارس لتقديم محتوى مكثف وهادف، يراعي طبيعة الامتحانات الجديدة.

أما في أسيوط والمنيا، فقد تم التنسيق مع الجمعيات الأهلية لتنظيم مراجعات مجانية داخل بعض المدارس المجتمعية، في محاولة لمواجهة ظاهرة غلاء أسعار السناتر.

السناتر.. سيطرة واضحة ومراجعات “اللحظة الأخيرة”

ورغم هذه الجهود الرسمية، لا تزال السناتر تتربع على عرش المراجعات النهائية، خاصة في المناطق الحضرية.

في أحياء مثل الدقي، ومدينة نصر، والمعادي، تمتلئ السناتر بقاعات مكيفة تضم مئات الطلاب، يجلسون في حصص مراجعة مدتها ساعتان، بمقابل يصل إلى 200 جنيه للحصة الواحدة، وربما أكثر في بعض المواد.

تقول شهد أحمد، طالبة من القاهرة: “السنتر بيشرح بشكل سريع ومباشر، وفيه توقعات وأسئلة بنشتغل عليها بتكثيف، ده بيطمني أكتر.”

وفي المحافظات، يتجه بعض السناتر لتقديم مراجعات إلكترونية عبر مجموعات مغلقة، أو إرسال تسجيلات مراجعة مدفوعة، خاصة في مواد الفيزياء والرياضيات.

طلاب الثانوية: بين المدرسة والسنتر

يرى عدد كبير من الطلاب أن الجمع بين مراجعات المدرسة والسنتر هو الخيار الأفضل.

الطالب أحمد جمال من الغربية يقول: “بروح المدرسة عشان المراجعة مجانية والأساتذة ممتازين، وباخد حصة أو اتنين في السنتر للمادة اللي محتاج فيها دعم إضافي.”

بينما تقول منة السيد من المنيا: “السنة دي المدرسة فعّالة جدًا. المدرسين بيشرحوا كويس، وحسيت إنهم مركزين معانا أكتر من أي سنة فاتت.”

أولياء الأمور: نحتاج دعمًا أكبر ومراجعات موحدة

رغم التحسن الملحوظ في أداء المدارس، يرى أولياء الأمور أن الأمر لا يزال يتطلب تطويرًا أكبر، خاصة في القرى والمناطق النائية.

يقول محمود عبد الله، ولي أمر من بني سويف:

“مش كل المدارس عندها نفس مستوى المراجعة، محتاجين توحيد على مستوى المحافظة، حتى لا يفوت الطلاب بجيمع المدارس أي شئ.

وترى هدى عبد السلام، ولية أمر من دمياط، أن تكاليف السناتر أرهقت الأسر: “بندفع آلاف الجنيهات، ومحتاجين بديل حقيقي ومجاني، لأن مش كل الطلاب يقدروا.”

الوزارة: مستعدون لـ 15 يونيو.. ونثق في الطلاب

من جانبها، أكدت وزارة التربية والتعليم، أن امتحانات الثانوية العامة هذا العام ستبدأ في موعدها المقرر 15 يونيو، وأنه تم الانتهاء من وضع الأسئلة وفقًا للمواصفات الفنية التي تراعي الفروق الفردية.

وأشارت الوزارة إلى أهمية المراجعة الرسمية داخل المدارس، مطالبًا الطلاب بالاعتماد على المنصات التعليمية الحكومية ونماذج الوزارة الرسمية.

وأضاف:”أبوابنا مفتوحة لأي دعم إضافي، ونتابع ميدانيًا مع المديريات لضمان استعداد الطلاب بأفضل صورة.”

رؤية تربوية: العدالة تبدأ من المدرسة

يقول الدكتور حسن شحاتة، أستاذ المناهج بجامعة عين شمس:

“عندما تقدم المدرسة مراجعة حقيقية ومدروسة، تُحقق العدالة التعليمية وتقلل الفجوة بين الطلاب.”

ويضيف: “مراجعات اللحظة الأخيرة مؤثرة جدًا، ويجب أن تتم تحت إشراف تربوي مباشر، لتجنب التضليل أو التسويق الخادع.”

مع تبقي أيام معدودة على انطلاق ماراثون الثانوية العامة، تبقى المراجعة النهائية هي “ورقة الأمل الأخيرة” في يد الطلاب، سواء داخل المدرسة أو في السنتر.

وفي الوقت الذي تسعى فيه المدارس الحكومية إلى استعادة الثقة والفاعلية، تواصل السناتر فرض حضورها القوي، لتبقى المنافسة مفتوحة على “كعكة المراجعات” حتى اليوم الأخير قبل الامتحان.