أهم الأخبار

الأخبار الشائعة

أدخل بياناتك الآن لتحصل على آخر الأخبار

“ظاهرة التحرش والاغتصاب”.. رئيس جامعة المنصورة الجديدة: تعرف على الأسباب والحلول لمواجهة هذة الظاهرة

شارك أحدث الأخبار

دكتور معوض الخولي يكتب

في السنوات الأخيرة، تصاعدت بشكل مقلق حالات التحرش والاغتصاب بالأطفال، وامتدت لتطال فئات وأعمار متنوعة من المجتمع، ولم تعد هذه الحوادث تقتصر على بيئة واحدة أو فئة اجتماعية معينة، بل أصبحنا نشهد هذا الانفلات الأخلاقي في أماكن طالما اعتقدنا أنها أماكن آمنة، سواء كانت مدارس، مساجد، كنائس أو حتى أماكن ترفيهية. هذه الظاهرة لا تقتصر على كونها مجرد أفعال فردية، بل هي مؤشر خطير على تراجع كبير في القيم والأخلاقيات في المجتمع المصري بشكل عام.

– أسباب هذه الظاهرة

-التفكك الأسري: 

أحد الأسباب الرئيسية وراء تزايد هذه الحوادث هو التفكك الأسري. العديد من الأطفال يعانون من غياب الدور الاسري الفاعل، سواء بسبب الطلاق، أو بسبب الأوضاع الاقتصادية التي تجعل الأمهات والآباء مشغولين في العمل لأوقات طويلة دون توفير العناية والاهتمام الكافيين لأبنائه، ووفي هذا الإطار، تنشأ فجوات عاطفية ونفسية لدى الطفل، قد تجعله عرضة للاستغلال من قِبَل آخرين.

– ضعف دور المؤسسات التعليمية:

المؤسسات التعليمية في مصر ليست مجهزة بما فيه الكفاية لحماية الأطفال من المخاطر، لاسيما في مجال الاعتداءات الجنسية، غالبًا ما تفتقر المدارس إلى برامج توعية فعالة ضد التحرش، ولا توجد آليات معتمدة للتعامل مع هذه الحوادث إذا وقعت، بالإضافة إلى ذلك، لا يتم تدريب المعلمين بشكل كافٍ على كيفية رصد أي علامات تحرش أو تصرفات غير لائقة، مما يؤدي إلى تأخر كشف الحوادث.

– دور الدين والمجتمع:

بالرغم من الدور المهم الذي يمكن أن تلعبه المؤسسات الدينية في توجيه الناس نحو الأخلاقيات السليمة، إلا أن دورها في معالجة هذه الظاهرة يبقى محدودًا، المؤسسات الدينية يمكن أن تكون محورية في نشر رسائل التوعية والتربية الأخلاقية، لكنها في بعض الأحيان تكتفي بالحديث عن المبادئ العامة دون التطرق الجاد إلى قضايا التحرش والاغتصاب، مما يقلل من فعالية تأثيرها في المجتمع.

– قلة العقوبات الرادعة: 

القانون في مصر يعاني من ثغرات قد تسهل على مرتكبي الجرائم الإفلات من العقاب. في كثير من الحالات، تسير الإجراءات القانونية ببطء شديد، ولا يتم اتخاذ إجراءات حاسمة ضد المعتدين، مما يعطي انطباعًا أن القانون لا يوفر حماية حقيقية للأطفال، كما أن العقوبات في بعض الحالات لا تكون صارمة بما يكفي لردع الجناة.

– تأثير وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي:

وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لها دور غير مباشر في هذه الظاهرة، في بعض الأحيان، تُنشر محتويات قد تروج للتمرد على القيم الأخلاقية، أو تبث صورة مشوهة عن العلاقات الإنسانية، مما يجعل البعض يظن أن السلوكيات المنحرفة قد تكون مقبولة أو مشروعة في بعض الحالات.

– الظواهر المقلقة المرتبطة بالجرائم الأخلاقية

من الظواهر المقلقة المرتبطة بالجرائم الأخلاقية هي النشر غير المسؤول للأخبار المتعلقة بهذه الحوادث، حيث تُنقل أحيانًا دون تحقق أو تدقيق، مما يؤدي إلى تضخيم الأمور أو تشويه الحقائق، الأخطر من ذلك هو إضفاء طابع طائفي أو مذهبي على هذه الحوادث، وهو ما قد يخلق انقسامات داخل المجتمع المصري، المعروف بتنوعه الثقافي والديني، هذه الممارسات الإعلامية، سواء من أفراد أو منصات، تساهم في تأجيج الفتن وزعزعة الاستقرار الاجتماعي بدلاً من تقديم معالجة موضوعية وعادلة.

ومن المهم أن يتحلى الجميع بالوعي، وأن يلتزم الإعلام بأخلاقيات المهنة في نقل الأخبار بحياد، مع تجنب إثارة النعرات الطائفية، لضمان التركيز على جوهر المشكلة ومعالجتها بعيدًا عن إثارة التوترات المجتمعية.

وقد يكون الحل في:

– تعزيز دور الأسرة في التربية:

الأسرة تعد النواة الأولى في تربية الأطفال، ويجب أن تتحمل مسؤولياتها بشكل أكبر في غرس القيم الأخلاقية وحماية الأطفال من الاستغلال، لا بد من تربية الطفل على احترام جسده وحقوقه الشخصية منذ الصغر، وتنشئته على القدرة على رفض أي تصرفات قد تكون ضارة له.

– دور المدرسة:

المدرسة تلعب دورًا رئيسيًا في الحد من الظواهر الأخلاقية السلبية من خلال غرس القيم والسلوكيات الصحيحة في نفوس الطلاب، يمكنها تحقيق ذلك عبر تعزيز المناهج الدراسية بالتربية الأخلاقية، وتوفير بيئة آمنة تُشجع الحوار المفتوح حول القضايا الاجتماعية، كما يجب أن يكون المعلمون قدوة حسنة ويشجعوا الطلاب على احترام الآخرين وتحمل المسؤولية.

علاوة على ذلك، يمكن تنظيم أنشطة توعوية مثل الندوات وورش العمل التي تركز على بناء شخصية متكاملة للطلاب. التعاون المستمر مع الأسرة والمجتمع يُعزز جهود المدرسة في التصدي لهذه الظواهر، مما يساهم في خلق جيل واعٍ وقادر على الحفاظ على قيمه ومجتمعه.

– تدريب الكوادر التعليمية:

يجب أن تركز وزارة التربية والتعليم على إعداد برامج تدريبية للمعلمين تتعلق بكيفية التعامل مع حوادث التحرش، وتزويدهم بالمعرفة الكافية لرصد أي سلوك غير لائق داخل المدارس، بالإضافة إلى ذلك، يجب إنشاء آلية للتبليغ الفوري عن أي حادثة من هذا النوع، بحيث تُعطى الأولوية في التحقيقات.

– تفعيل قوانين صارمة: 

من الضروري أن تتم مراجعة التشريعات الخاصة بالعقوبات على الجرائم الجنسية لتكون أكثر صرامة يجب أن يتم تعزيز العمل بالقوانين الحالية بحيث يُعاقب الجاني بما يتناسب مع حجم الجريمة، مع ضمان سرعة في الإجراءات القانونية، كما ينبغي توفير آليات لحماية الضحايا، لا سيما الأطفال، من أي تهديدات قد يتعرضون لها خلال أو بعد الإجراءات القضائية.

– دور المؤسسات الدينية:

يمكن للمؤسسات الدينية أن تكون قوة مؤثرة في مواجهة هذه الظاهرة. يجب عليها تكثيف حملات التوعية الدينية حول تحريم مثل هذه الأفعال، وإعطاء اهتمام أكبر للجانب الأخلاقي في التربية الروحية للأطفال، المدارس الدينية والمراكز التعليمية التابعة للمؤسسات الدينية يجب أن تكون خط الدفاع الأول ضد هذه الظواهر.

– التوعية المجتمعية والإعلامية:

من المهم أن تشارك وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في حملات توعية ضخمة ضد التحرش والاغتصاب، من خلال بث برامج توعية، وتنظيم نقاشات مجتمعية حول آثار هذه الجرائم على الأطفال والمجتمع. كما يجب أن تعمل وسائل الإعلام على تسليط الضوء على الحالات التي تم فيها التحقيق والمحاكمة بشكل حاسم لإظهار أن العدالة ستأخذ مجراها.

وختاما نؤكد: المسؤولية عن مواجهة هذه الظاهرة لا تقع على جهة واحدة، بل هي مسؤولية مجتمعية مشتركة بين الأسرة، المدرسة، المؤسسات الدينية، والإعلام. على الأسرة أن تعزز القيم الأخلاقية لدى أبنائها وتكون القدوة في السلوك السوي، ويجب أن تعمل المدارس على دمج التربية الأخلاقية ضمن المناهج الدراسية، مع خلق بيئة آمنة وداعمة للطلاب، كما تقع على المساجد والكنائس مسؤولية غرس القيم الإنسانية والدينية التي تحث على الاحترام والحفاظ على كرامة الآخرين.

أما الإعلام، فعليه أن يتوقف عن التعامل مع هذه القضايا كمواد لجذب الانتباه، وأن يلتزم بالمسؤولية المهنية في تغطية الأحداث بحياد ودقة. وبالنسبة للأفراد، يجب أن يتحلوا بالوعي الكافي لعدم تداول الشائعات أو المساهمة في نشر أخبار غير موثوقة.

باختصار: الحل يكمن في بناء منظومة متكاملة تركز على التربية الأخلاقية، دعم القوانين الرادعة، وتعزيز ثقافة المسؤولية المشتركة. بذلك يمكننا معالجة الجذور العميقة للمشكلة وحماية مجتمعنا من التفكك والانهيار الأخلاقي.

الرابط المختصر للخبر:

https://filgamaa.com/A5NtQr
نرمين الجمل
نرمين الجمل
المقالات: 370

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ابق على اطلاع ولا تطغى عليك الأمور، اشترك الآن!