
في ملتقى قسم الصحافة.. دعوات لتوسيع الشراكات الدولية في المجال البحثي وتطوير التعليم الإعلامي
شهدت فعاليات الجلسة الثانية في اليوم الثاني من الملتقى السنوي لقسم الصحافة بكلية الإعلام – جامعة القاهرة، نقاشًا موسعًا بين نخبة من أساتذة الإعلام والصحفيين والباحثين، حول مستقبل التعليم الإعلامي في ظل التحولات الرقمية المتسارعة، مؤكدين أهمية بناء شراكات دولية فعالة، وتبني برامج متعددة التخصصات، وتعزيز أخلاقيات التعامل مع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
في كلمته، ثمّن الدكتور وائل عبدالباري، أستاذ الإعلام بجامعة عين شمس، الشراكة التي عقدتها الكلية مع الجمعية الدولية للاتصال (ICA) والجمعية الدولية لبحوث الإعلام والاتصال (IAMCR)، مشددًا على أن الشراكات الأكاديمية يمكن أن تتعزز على مستويين: التكوين العلمي للطلاب والتدريب المهني داخل المؤسسات الإعلامية.
واقترح عبدالباري تطوير آلية التبادل الطلابي، بحيث يُخصص فصل دراسي يقضيه طالب الإعلام في جامعة أجنبية، كما دعا إلى إصدار كتاب دولي بعنوان Handbook of Egyptian Media بالشراكة مع IAMCR، وتصنيف اتجاهات الإنتاج البحثي في الإعلام المصري، وربطها بجمعيات علمية دولية.
وأشار إلى أهمية بناء شراكات مع مؤسسات مثل معهد رويترز للصحافة بجامعة أكسفورد، وبرنامج إيراسموس الأوروبي، وشركات التكنولوجيا مثل مايكروسوفت لتوفير أدوات إنتاج المحتوى بأسعار مناسبة. كما نبه إلى تحديات هذه الشراكات، وفي مقدمتها ضعف فرق العمل، ونقص التمويل، وغياب خطط واضحة للتعاون الدولي.
من جهتها، أكدت الدكتورة عواطف عبد الرحمن أستاذ الصحافة بالكلية، أهمية وجود فرع مصري للجمعية الدولية لبحوث الإعلام والاتصال (IAMCR)، لتوسيع آفاق التعاون البحثي الدولي.
أما الدكتور محمد سعد، أستاذ الصحافة بجامعة المنيا، فشدد على تبني برامج متعددة التخصصات في التعليم الإعلامي، مشيرًا إلى أن 60% من برامج الإعلام في الصين تتبنى هذا الاتجاه، ودعا إلى تأهيل باحثي الدراسات العليا لتدريس الإعلام الرقمي، بدلًا من التوسع في إنشاء برامج جديدة.
وأشار سعد إلى ضرورة التوازن بين المهارات التقليدية والرقمية، وغرس القيم الأخلاقية الذاتية في طلاب الإعلام، المستمدة من التنشئة الثقافية والدينية، لمواجهة تحديات مثل الأخبار الكاذبة وخطابات الكراهية.
وفي مداخلة لها عبر “زووم”، لفتت الدكتور عبير السعدي، مدربة دولية، إلى ضرورة التعاون مع جامعات دول الجنوب، وليس الاقتصار على الشمال، داعية إلى إدماج العمل الصحفي العملي داخل المقررات الدراسية من السنة الأولى، وضرورة أن تُبنى الشراكات الدولية على أجندات محلية واضحة.
بدورها، أكدت الدكتورة منى مجدي، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة ومدربة دولية، أن دول الجنوب – خاصة في إفريقيا – تفوقت خلال السنوات الأخيرة في المهارات الاستقصائية، بفضل اعتمادها على أسلوب المختبرات الصحفية، مشيرة إلى أهمية التشبيك مع التجارب العربية وتعزيز الوعي بالسياق المحلي كمدخل للتعاون الدولي.
وفي ورقتها البحثية، تناولت الكاتبة الصحفية أ. سناء صليحة التحديات الأخلاقية التي تفرضها تقنيات الذكاء الاصطناعي، مؤكدة أنها تؤثر على حرية التعبير خاصة في أوقات النزاع والحروب، محذرة من الانبهار بالتكنولوجيا على حساب القيم الإنسانية.
وفي تعقيبه، عرض الدكتور محمد حسام تجربته في السماح لطلاب الدراسات العليا باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي شريطة التوثيق، مؤكدًا أن نسبة توثيق المخرجات لم تتجاوز 10%، ما يعكس تحديًا في الشفافية والاعتماد على هذه الأدوات.
وفي ختام الجلسة، قدّمت د. سحر مصطفى، الأستاذ المساعد بقسم الصحافة، قراءة تحليلية لمجمل المداخلات، مؤكدة أن مستقبل التعليم الإعلامي يتطلب إعادة التفكير في تصميم البرامج الأكاديمية، من خلال تفعيل التخصصات البينية، وترسيخ القيم الأخلاقية كجزء من التكوين الذاتي للطالب، وليس كمجرد مقررات نظرية. وشددت على ضرورة تعزيز الوعي بالسياقين المحلي والعربي في التدريب، ومراجعة سياسات القبول وضمان الجودة داخل الكليات، مع التوسع في فرص التبادل الطلابي مع الجامعات الإقليمية والدولية. كما دعت إلى بناء وعي رقمي عميق لدى الطلاب والأساتذة معًا، واستكشاف مجالات جديدة – مثل السلامة النفسية في مناطق النزاع – باعتبارها مسارات متعددة التخصصات تدمج الإعلام بعلم النفس، بما يعكس متطلبات الواقع المهني والإنساني المعاصر.
وقد أجمع المشاركون على أن مستقبل التعليم الصحفي يتطلب التوازن بين المحلية والانفتاح الدولي، والمهارات المهنية والأخلاقية، وأيضًا بين الإنسان والتقنية، لصناعة إعلام يواكب العصر دون أن يفقد جوهره.
الرابط المختصر للخبر:
https://filgamaa.com/dB3ckA