مستشار شيخ الأزهر: مصر بحضارتها العريقة تحملت حفظ اللغة العربية على مر الزمان

قالت الدكتورة نهلة الصعيدي مستشارة شيخ الأزهر لشؤون الوافدين رئيسة مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب بالأزهر: إن الله – عزَّ وجلَّ – اصطفى اللغة العربية لتكون اللسانَ الذي يُبلِّغ به خاتَمُ رسله خاتِمَ كُتبه إلى الناس كافَّة، وقبل ذلك هيَّأها -الله تعالى-وأسكن فيها من الطاقات ما حال بين القرآن وبين معارضته أو الإتيان بمثله.

احتفالية مجمع الملك سلمان ومنظمة التعاون الإسلامي للاحتفال باليوم العالمي للغة العربية

وأكدت الدكتورة نهلة الصعيدي خلال مشاركتها في الاحتفالية التي ينظمها مجمع الملك سلمان ومنظمة التعاون الإسلامي للاحتفال باليوم العالمي للغة العربية أن اللغة العربية، بمكانتها الفريدة، استحقت الاهتمام والرعاية منذ العصور القديمة، ولطالما كانت مركزًا علميًّا وثقافيًّا يَشِعُّ نورُه في أرجاء الدنيا، مشيرةً إلى أن مصر بحضارتها العريقة تحملت على عاتقها عبء حفظ هذا اللسان منذ أن نطقت بها، وأسهم علماؤها الكبار في تأسيس علوم العربية وبناء قواعدها وأسسها.

أمثال ابن هشام الأنصاري النحوي، صاحب التجرِبة الفريدة في تصنيف كتب النحو التي تُلبِّي حاجة طالب العلم المبتدئ والمتوسط والمنتهي والمتميز؛ فقد كتب «قطر الندى وبل الصدى»، وأتبعه «شذور الذهب في معرفة كلام العرب»، تلاه «أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك»، وختم هذه الدرر الفريدة بكتاب «مغني اللبيب عن كتب الأعاريب».وقاضي القضاة بهاء الدين بن عقيل، صاحب الشرح الشهير على ألفية ابن مالك.وسيبويه عصره، الشيخ خالد الأزهري، صاحب التآليف المشهورة، ومنها: «المقدمة الأزهرية وشرحها في علم العربية»، و«شرح الآجرومية»، و«إعراب الكافية»، و«الألغاز النحوية في علم العربية»، و«الحواشي الأزهرية في حل ألفاظ المقدمة الجزرية»، و«التصريح بمضمون التوضيح»، و«موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب».وابن أبي الإصبع المصري، صاحب كتابي «بديع القرآن» و«تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر وبيان إعجاز القرآن».

مستشار شيخ الأزهر: عطاء مصر لم يقتصر في حفظ اللغة العربية على زمن دون زمن

وأضافت أن عطاء مصر لم يقتصر في حفظ اللغة العربية على زمن دون زمن، بل ظلت هذه السلسلة متواصلة عبر الأجيال والأزمان حتى عصرنا الحديث، وذكرت من علماء مصر المبرزين في العصر الحديث، العلَّامة الكبير، شيخ كلية اللغة العربية؛ أقدم كليات العالم التي تحمل هذا الاسم؛ الشيخ المحقق محمد محيي الدين عبد الحميد، الذي أتى على الناس زمان وليس كتابٌ في علوم النحو والبلاغة والأدب يُدرَّس في جميع مراحل التعليم إلا كان له فيه فضل؛ تحقيقًا أو شرحًا.وكذلك الشيخ محمد عرفة، عضو هيئة كبار العلماء في بدايات القرن الماضي؛ صاحب كتابَي «النحو والنحاة بين الأزهر والجامعة»، و«اللغة العربيَّة: لماذا أخفقنا في تعليمها؟ وكيف نعلمها؟». وفضيلة الأستاذ الدكتور محمد أبو موسى، وفضيلة الأستاذ الدكتور محمود توفيق سعد، وكذلك فضيلة الشيخ المجمعي الكبير الأستاذ الدكتور حسن الشافعي. كما أشارت إلى اختيار مصر مقرًا لاتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية، الذي يترأسه فضيلة الأستاذ الدكتور حسن الشافعي.

 

وأكدت رئيس مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين على الدور التاريخي للأزهر الشريف، واصفةً إياه بـ”النجم الأظهر وسراج اللغة الأنور”، مشيرة إلى أن الأزهر الشريف منذ نشأته – ولا يزال – حامِيَ لغة الذِّكر الحكيم، وحافظَ تراثها اللغوي العريق؛ فكم جلس في أروقته العتيقة العلماء؛ يُعلِّمون علوم اللغة، ويُخرِّجون طلاب العلم الذين انتشروا في أرجاء الدنيا ليُعلِّموا الناس ويُثقِّفُوهم ويُعبِّدوا أمامهم سبيل فَهْم دينهم.

جهود الأزهر التاريخية في الحفاظ على اللغة العربية

كما سلطت الضوء على جهود الأزهر التاريخية في الحفاظ على اللغة العربية، والتنويه بأثر جميع علمائه اللغويين في مختلِف الأجيال. وذكرت أهم منجزاته في هذا الصَّدد في زماننا الحاضر؛ فقد أنشأ الكليات المتخصِّصة، وعلى رأسها كلية اللغة العربية، أقدم صرح في العالم الإسلامي يحمل هذا الاسم، وأطلق كثيرًا من البرامج التعليمية المتعددة.ولأن الأزهر الشريف مؤسسةٌ عالمية، ومن أوَّلِ أولوياته تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، فقد أنشأ مركزًا خاصًّا لتطوير تعليم الطلاب الوافدين، وأنجز عددًا من البرامح والمشروعات والمبادرات اللغوية، يأتي في مقدمتها:برنامج الأزهر الدولي لنَشْر اللغة العربية في جميع دول العالم، وبرنامج المعايشة اللُّغوية، وبه نشأ نوع جديد من أنواع السياحة؛ هو السياحة اللغوية، وكذلك برنامج تنمية المهارات اللغوية في مجالات التصحيح اللغوي والتحرير الأدبي والتحليل الأدبي والبلاغي للنصوص والإلقاء

وثيقة مؤشر الأزهر العالمي للغة العربية

كما أطلق وثيقة مؤشر الأزهر العالمي للغة العربية الذي يستهدف تقييم المؤسسات الإقليمية والدولية لتعليم اللغة العربية وتصنيفها، ونفَّذ برنامجًا دوليًّا لإعداد معلمي الناطقين بغير العربية، ولم ينس الأزهر الشريف تعليم اللغة العربية لأغراض خاصة؛ فشرع في إعداد برنامج لتعليم اللغة العربية للدبلوماسيين الأجانب، وبرنامج لتعليم اللغة العربية للأطفال.. إلى غير ذلك من البرامج والمشروعات والمبادرات.

واختتمت كلمتها بالدعاء لحفظ اللغة العربية هذا اللسان الشريف، واستعادة مجدها. مؤكدةً أن الأزهر الشريف سيظل في طليعة المؤسسات الساعية لنشر اللغة العربية وتعزيز مكانتها عالميًا.