يحتفي الأزهر هذا العام في جناحه بمعرض القاهرة الدولي للكتاب بالعالم الجليل الأديب الفقيه الشَّيخ العلَّامة محمد عبد الله دراز، سليل بيت العلم والتقوى، وابن جامعتي الأزهر والسوربون، وصاحب الرسالة الماتعة “دستور الأخلاق في القرآن”، وغيرها من المؤلفات التي تثري العقل والروح، وذلك باللغتين العربية والفرنسية، عضو جماعة كبار العلماء الذي مثَّل مشيخة الأزهر في العديد من المؤتمرات الدوليَّة؛ وقد كان من المهتمين بقضايا الوطن والأمة.
“في الجامعة” يلقي الضوء في السطور التالية عن أبرز المحطات في حياة الشيخ العلامة محمد عبدالله دراز
المولد والنشأة
ولد الشيخ محمد عبد الله درّاز يوم 8 نوفمبر عام 1894 في محلة دياي مركز دسوق، بمحافظة كفر الشيخ، وكان بيت أسرته بيت علم وخلق وورع، وكان والده من كبار علماء الأزهر.
حفظ القرآن الكريم ولما لم يبلغ العاشرة من عمره، والتحق بالمعهد الديني في الإسكندرية عام 1905 ثم بالأزهر، وحصل على شهادة العالِمية عام 1916، وعيّن مدرّسا فيه.
سفرة إلى فرنسا
سافر عبد الله درّاز في البعثة الأزهرية إلى فرنسا عام 1936 حيث درس علم الاجتماع والفلسفة والتاريخ ومقارنة الأديان بجامعة السوربون، وحصل على الدكتوراه في الجامعة نفسها بمرتبة الشرف الممتازة عام 1947 عن رسالتيه “التعريف بالقرآن” و”الأخلاق في القرآن” باللغة الفرنسيّة، وطبع لاحقا بعنوان “دستور الأخلاق في القرآن”.
الوظائف والمسؤوليات
بعد عودته إلى القاهرة، اشتغل بالتدريس في جامعة القاهرة ودار العلوم والجامعة الأزهريّة، وأستاذا للتفسير في كلية أصول الدين مع أساتذته الكبار، حيث بدأ تأثّره بالشيخ محمد عبده في طريقة تفسيره، وخاصّة فيما يتناول مبدأ الوحدة المعنوية لكل سورة من سور القرآن.
وفصل عبد الله درّاز من وظيفته إثر اعتقاله لمشاركته في ثورة 1919، لكنه أعيد إلى عمله بالأزهر وتولّى منصب وكيله، وانتخب نائبا بين عامي (1938-1942) ثم أعيد انتخابه عام 1945 لكنه استقال منه في العام التالي بعد تعيينه مديرا للأزهر.
التجربة العلمية والسياسية
اشترك عبد الله درّاز في ثورة 1919 وفي أنشطة “جمعيّة الشبّان المسلمين” التي أسّسها الشيخ محب الدين الخطيب وكان من أعلامها.
كما مثّل الأزهر في المؤتمر العالمي للأديان في باريس عام 1939م وألقى كلمة شيخ الأزهر محمد مصطفى المراغي، وكتب عن علاقة الإسلام بالأديان الأخرى بطريقة منطقية، ولم يحتطب في حبل المستشرقين، إضافة إلى أنه كان كثير التجوال والرحلات.
مؤلفات الشيخ محمد عبدالله دراز
ترك عبد الله درّاز مؤلفات عديدة منها “الربا من منظور التشريع الإسلامي”، و”رأي الإسلام في القتال”، و”العبادات”، و”بين المثالية والواقعية”، و”المسؤولية في الإسلام”، و”مبادئ القانون الدولي العام في الإسلام”، و”الدين ودراسات إسلامية في العلاقات الاجتماعية والدولية”، و”تاريخ أدب اللغة العربيّة”.
كما نشر مقالات متفرّقة في المجلات الدينية والأدبية، وقدم أبحاثا ودراسات متأنّية، ومحاضرات، وكانت له مشاركة فعالة في المؤتمرات الدولية، وجمعت مقالاته ومحاضراته في كتاب “دراسات إسلامية”.
وفاة الشيخ محمد عبدالله دراز
توفي عبد الله درّاز يوم 6 يناير 1958 أثناء انعقاد المؤتمر الإسلامي في لاهور، بعد أن ألقى بحثا عن موقف الإسلام من الأديان الأخرى وعلاقته بها،