أدخل بياناتك الآن لتحصل على آخر الأخبار

الدكتور ياسر الجوهري يكتب : الانتقال للفريق المنافس في كرة القدم: هل هو خيانة أم خطوة احترافية؟

شارك أحدث الأخبار

في عالم كرة القدم، يعتبر الانتقال من فريق لآخر، خصوصًا إلى فريق منافس تاريخي، موضوعًا مثيرًا للجدل يشعل الكثير من النقاشات بين الجماهير. اللاعب الذي ينتقل إلى النادي المنافس يُنظر إليه في أغلب الأحيان على أنه “خائن”، “قليل الولاء”، أو حتى “جشع”. هذا في الوقت الذي لا يُنظر فيه بنفس الطريقة إلى الأندية التي تتخلى عن لاعبيها بحثًا عن البديل الأفضل أو التعاقد مع أسماء جديدة. لكن لماذا يحدث هذا التباين في النظرة؟ وهل يمكن أن تكون هذه الانتقالات مجرد خطوة احترافية، أم أن هناك اعتبارات أخرى تساهم في رسم هذه الصورة المعقدة؟

 

عندما ينتقل لاعب من ناديه إلى الفريق المنافس، يعصف الجدل بجماهير الفريق الأول. بالنسبة لهم، يصبح هذا الانتقال بمثابة خيانة لشعورهم العاطفي تجاه اللاعب الذي لطالما كان جزءًا من هوية فريقهم. مشاعر الإخلاص لا ترتبط فقط بالأداء داخل الملعب، بل تتجاوز ذلك إلى علاقة وجدانية، ارتباط اللاعب بتاريخ النادي، وإلى الاحتفال بالإنجازات الجماعية التي لا يمكن أن تُنسى بسهولة.

 

من هنا، يُعتبر انتقال اللاعب إلى الفريق المنافس أمرًا غير مقبول من بعض الجماهير، لأنه يهدد هذا الانتماء ويترك تساؤلات حول مدى إخلاصه وحبه للنادي. لذا، تصبح الخيانة مفهومة في أعينهم كقرار فردي بعيد عن طموحات الفريق الجماعية.

 

لكن في النهاية، يبقى اللاعب إنسانًا، يسعى لتحقيق تطلعاته الخاصة. قد يكون وراء قراره الطموح الرياضي، أو العرض المالي الكبير، أو حتى بحثًا عن فرصة أفضل لتحقيق الألقاب. هنا، يتعين أن نتذكر أن لاعب كرة القدم، في نهاية المطاف، ليس مجرد آلة رياضية. هو شخص يسعى إلى النجاح والإنجاز الشخصي، وفي هذا العصر من الاحتراف، أصبح الانتقال بين الأندية الكبرى أمرًا شائعًا وطبيعيًا، رغم ما قد يثيره من غضب الجماهير.

 

في الجهة الأخرى، لا يُنظر إلى الأندية التي تبيع أو تستغني عن لاعبيها بنفس المنظور العاطفي. قد يكون انتقال اللاعب في نظر البعض بمثابة خطوة قاسية ضد الولاء، ولكن الأندية، باعتبارها كيانات مؤسسية، تتخذ قرارات استراتيجية تعتمد على الأرقام والنتائج. لا تقتصر هذه القرارات على مصلحة الأندية فقط، بل تتعلق بمستقبل الفريق وأدائه، وهو ما يجعل هذه القرارات “مشروعة” في عالم كرة القدم الاحترافي.

 

النادي يسعى لتطوير نفسه باستمرار، سواء من خلال تجديد دمائه أو التعاقد مع اللاعبين الأكثر قدرة على تحقيق النجاح الرياضي. لكن، في المقابل، يُمكن للنادي نفسه أن يتخلى عن لاعبه الذي أمضى سنوات طويلة في صفوفه إذا لم يعد يلبّي تطلعات الفريق.

 

ما يراه النادي خطوة نحو التقدم، قد يراه البعض “غدرًا” أو حتى “خيانة” من الإدارة تجاه لاعب قدم الكثير للفريق.

 

السبب في هذا التباين بين نظرة الجماهير للاعبين والأندية يعود إلى أن اللاعب يُعتبر رمزًا شخصيًا، وكل قرار يتخذه يشعر به الجمهور كخيانة لمشاعرهم وعواطفهم تجاهه. بالمقابل، يُنظر إلى الأندية على أنها كيانات مؤسسية باردة تسعى لتحقيق النجاح بأي ثمن، مما يجعل الجماهير أكثر تقبلاً لقراراتها، رغم ما قد تحمله من ألم أو خيبة أمل للاعبين.

 

الأندية لا تُحمل المسؤولية نفسها التي يتحملها اللاعب. قرار انتقال اللاعب يُنظر إليه من زاوية طموحات اللاعب الشخصية والفرص التي قد يحققها، في حين يُنظر إلى قرار النادي على أنه جزء من عملية رياضية تستند إلى الأرقام والأهداف.

 

في نهاية المطاف، نصل إلى أن الانتقال بين الأندية، خاصة إلى الفريق المنافس، قد يكون أكثر من مجرد “خيانة” كما يراه البعض. إنه انعكاس لعصر كرة القدم الاحترافية الذي أصبح فيه اللاعب جزءًا من معادلة تجارية ورياضية معقدة. الجماهير قد تتألم لرؤية نجمهم ينتقل إلى النادي المنافس، لكن من وجهة نظر اللاعب، هذه الخطوة قد تكون محكومة بالواقع الرياضي وطموحاته الشخصية.

 

أما بالنسبة للأندية، فإن انتهاج سياسات انتقالية تضمن تحقيق النجاح على المدى الطويل لا يُعتبر غدرًا، بل خطوة استراتيجية لضمان التفوق المستمر. وهكذا، يبقى الولاء في كرة القدم، سواء من جهة اللاعب أو النادي، مسألة معقدة، تتداخل فيها الاعتبارات الشخصية والرياضية، مع تغيرات السوق ومتطلبات الاحتراف.

 

في هذا العالم الاحترافي المتسارع، لم يعد الولاء كما كان عليه في الماضي. فما يعتبره البعض خيانة، قد يكون في حقيقة الأمر قرارًا مدروسًا نحو تحقيق الأفضل في لعبة أصبحت تحكمها المصلحة الشخصية أكثر من أي وقت مضى.

seo1
seo1

كاتب وصحفي متخصص في أخبار التعليم ولديه خبره في تغطية العديد من الملفات أبرزها أخبار وزارة التموين واخبار مجلس النواب

المقالات: 162

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ابق على اطلاع ولا تطغى عليك الأمور، اشترك الآن!